الاثنين، 26 أغسطس 2019


                                           بقلم الأستاذ خالد المؤدب

                                                              عدل اشهاد بتونس
                                                  التوكيل على الزواج

لقد أجاز المشرع التونسي للزوج والزوجة أن يوكلا من شاءا إذ اقتضى الفصل 9 م ا ش انه " للزوج والزوجة إن يتوليا زواجهما بأنفسهما ، وان يوكلا من شاءا , وللولي حق التوكيل أيضا ".             
  كما اشترط المشرع أن يحرر التوكيل في حجة رسمية حيث ينص الفصل 10 م ا ش انه : " لا يشترط في وكيل الزواج المشار إليه في الفصل السابق شرط خاص , ولكن ليس له أن يوكل غيره بدون إذن موكله أو موكلته , ويجب أن يحرر التوكيل في حجة رسمية , ويتضمن صراحة تعيين الزوجين , وإلا عد باطلا ".
فعدل الإشهاد هو المختص بتحرير التوكيل على الزواج ، وإضافة  إلى تضمين الهوية الكاملة للزوجين  فهم ملزم بان يضمن صلب التوكيل رأي الموكل فيما يتعلق بنظام الأملاك الزوجية بمعنى هل أن الموكل اختار نظام الفصل بين الأملاك أم نظام الاشتراك في الأملاك. حيث اقتضى الفصل  5  من القانون عدد 94 لسنة 1998 المؤرخ في 9 نوفمبر 1998 المتعلق بنظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين انه :
 " لا يصح التوكيل على الزواج ألا إذا تضمن صراحة رأي الموكل في مسالة الاشتراك من عدمه " .
وبموجب الفصل 11 م ا ش المتعلق بخيار الشرط , يجوز للموكل اشتراط شرط يرغب في تضمينه , سواء تعلق الشرط بظات المتعاقدين او تعلق بأموالهما,  ولعدل الاشهاد التنصيص على ذلك الشرط  ما لم يخالف القانون او النظام العام .
وإذا كان المشرع التونسي أوجب أن تكون وكالة عقد الزواج بحجة رسمية فان المشرع المغربي سمح بان يكون التوكيل بحجة رسمية أو عرفيه و إضافة إلى ذلك فقد اخضع التوكيل على الزواج  لرقابة  قاضي الأسرة حيث جاء بالمادة 17 من مدونة الأسرة المحدثة بالظهير الشريف رقم  1.04.22 المؤرخ في 12 ذي الحجة 1424 هجرية موافق 03/02/2004 ما يلي :
" يتم عقد الزواج بحضور أطرافه ، غير انه يمكن التوكيل على إبرامه ، بإذن من قاضي الأسرة المكلف بالزواج بالشروط الآتية :
1-   وجود ظروف خاصة لا يتأتى معها للموكل أن يقوم بإبرام عقد الزواج بنفسه .
2-   تحرير وكالة عقد الزواج في ورقة رسمية أو عرفية مصادق على توقيع الموكل فيها.
3-   أن يكون الوكيل راشدا متمتعا بكامل أهليته المدنية ، وفي حالة توكيله من الولي يجب أن تتوفر فيه شروط الولاية.
4-   أن يعين الموكل في الوكالة اسم الزوج الأخر ومواصفاته ، والمعلومات المتعلقة بهويته وكل المعلومات التي يرى فائدة في ذكرها.
5-   أن تتضمن الوكالة قدر الصداق ، وعند الاقتضاء المعجل منه والمؤجل . و للموكل أن يحدد الشروط التي يقبلها من الطرف الأخر.
6-   أن يؤشر القاضي المذكور على الوكالة بعد التأكد من توفرها على الشروط المطلوبة".
و في القانون الجزائري ، الفصل 20 من قانون الاسرة كان ينص على أنه :
" يصح ان ينوب عن الزوج وكيله في ابرام عقد الزواج بوكالة خاصة ".
والزوجة لم يكن لديها هذا الحق لان الذي يتولى زواجها هو وليها طبقا للمادة 11 من قانون الاسرة.
وتم الغاء المادة 20 المذكورة بمقتضي الامر رقم 05-02 المؤرخ في 27 فبراير 2005.
وبالتالي لم يعد المشرع الجزائري يعترف بالوكالة في عقد الزواج .
و في القانون القطري تنص المادة 19 من قانون الاسرة على أنه :
" يجوز التوكيل في عقد الزواج بوكالة خاصة مصدقا عليها من الجهة المختصة و اذا جاوز الوكيل حدود وكالته كان فضوليا وفي هذه الحالة لا ينفذ العقد في حق صاحب الشأن الا بإجازته أو بإجازة وليه حسب الأحوال، و لا يجوز للوكيل ان يزوج نفسه ممن وكله الا اذا نص عقد الوكالة على ذلك ".
و في القانون السوري تنص المادة 8 من قانون الأحوال الشخصية السوري أنه :
    " 1- يجوز التوكيل في عقد النكاح .
2- ليس للوكيل ان يزوج موكلته من نفسه الا اذا نص على ذلك في الوكالة "
وتنص المادة 9 :
" إذا تجاوز الوكيل حدود وكالته كان كالفضولي موقوفا عقده على الاجازة ".

*** وفيما يلي نقدم لكم نموذج من توكيل على الزواج حسب المعطيات التالية :
السيد " جاسر.... " يرغب في الزواج من السيدة " منال... " وحيث لا يمكنه الحضور بمجلس العقد زمن ابرام عقد الزواج بسبب ظروف تخصه ...فقد قرر أن يوكل السيد " راغب ...." وهو أحد اقربائه من أهل الثقة، لإمضاء عقد الزواج بدلا عنه وإتمام الإجراءات القانونية اللازمة ...
في هذه الحالة على عدل الإشهاد تضمين التنصيصات  التالية :
- التنصيص على الهوية كاملة لجميع الأطراف (الزوج – وكيل الزواج – الزوجة) حسب بطاقة التعريف الوطنية...
-  ذكر الحالة المدنية لكل من الزوج والزوجة  ( اعزب – مطلق – ارمل )
- التنصيص على النظام المالي ( اختيارنظام الاشتراك في الأملاك او نظام الفصل بين الأملاك )
- التنصيص على المهر.
- التنصيص على شرط ( الفصل 11 م ا ش )


                                    توكيل على الزواج
الحمد لله، نحن الأستاذ ........ والأستاذ......... عدلا إشهاد بدائرة قضاء المحكمة الابتدائية ب........، حضر لدينا بمكتبنا الكائن بعدد .... نهج ......تونس، السيد جاسر.........تونسي الجنسية مولود في .../..../.... ب............... مهنته ............ عنوانه ....................صاحب بطاقة تعريف وطنية عدد ......... مسلمة بتونس في.../.../....حالته المدنية أعزب حسب ما هو مبين بمضمون من رسم ولادته عدد.....لسنة......صادر عن بلدية ........بتاريخ.../.../....وصرح أنه يوكل السيد   جاسر.......تونسي الجنسية مولود في .......... ب........... مهنته ..........عنوانه ................. صاحب بطاقة تعريف وطنية عدد............مسلمة بتونس في..../..../....... بأن ينوبه في إبرام عقد زواجه بالسيدة منال...... تونسية الجنسية مولودة في ..../..../.... ب...... مهنتها ........ عنوانها .................. صاحبة بطاقة تعريف وطنية عدد ........مسلمة بتونس في .../..../......حالتها المدنية مطلقة من السيد.........بمقتضى حكم صادر عن المحكمة الابتدائية ب........ بتاريخ .../...../....تحت عدد ..........حسبما هو مبين بمضمون من رسم ولادتها عدد ......لسنة ........صادر عن بلدية .......بتاريخ..../...../.... , على أن يكون الزواج حسب نظام الاشتراك في الأملاك  وعلى مهر قدره دينارا واحدا. هذا ما تم تلقيه وثقناه بتاريخ الساعة ……….مساء يوم... شهر....سنة.....….. الموافق ...........هجري .وتليت عليه المسودة علنا فصادق وأمضى. ورسم بدفتر المسودات تحت عدد ......صحيفة ...... وخرج مطابقا لأصله من دفتر العمل أجره وتسجيله طبق القانون والله ولي التوفيق.
 الأستاذ........                                                                            الأستاذ........                                                                     

الأربعاء، 7 أغسطس 2019


بقلم الأستاذ خالد المؤدب
عدل إشهاد بتونس
الدخول في القانون التونسي وفقه القضاء
      
يستعمل المشرع أحيانا مصطلح البناء وفي أحيانا أخرى مصطلح الدخول للدلالة على نفس المعنى, بينما نجد في الصياغة الفرنسية مصطلح    la consommation de mariage    
الزواج الصحيح يتم في القانون التونسي بإبرام عقد زواج لدى مأمور عمومي مكلف بذلك (ضابط الحالة المدنية أو عدل إشهاد).
وكما يمكن أن يتم الدخول حال إبرام عقد الزواج حيث يتجه الزوج وزوجته من مجلس العقد مباشرة إلى محل الزوجية ويختلي بها.
فان الدخول يمكن أن لا يتم إلا بعد فترة قد تقصر وقد تطول .
كما يمكن أن لايتم البناء بسبب خلافات بين الزوج وزوجته مما يؤدي إلى الطلاق المشرع التونسي لم يعرف البناء أو الدخول,مما يستوجب طرح الأسئلة التالية :
هل أن الدخول يتم  بمجرد حصول الخلوة بين الزوجين ؟ أم يجب أن يقع اتصال جنسي بينهما ؟  و هل يحتاج الدخول الى الاشهار ؟ وإذا أمتنع الزوج عن الدخول ماهو الإجراء الذي يمكن أن تتخذه الزوجة ؟  واذا ثبت وقوع الدخول فماذا يترتب عنه من نتائج ؟
1 -  تعريف الدخول
اجتهد فقه القضاء التونسي في تعريف الدخول كما أن فقه القضاء يفرق بين الدخول الفعلي والدخول الحكمي.
1 – الخلوة  كمعيار أساسي لتعريف الدخول
في قرار تعقيبي مدني عدد 27651 مؤرخ في 04 ديسمبر 2008 أعتبرت محكمة التعقيب أنه " لئن لم يعرف المشرع البناء أو الدخول وهو المصطلح المستعمل في مجلة الأحوال الشخصية فقد استقر فقه القضاء على تعريف الدخول بأن تكون الزوجة قد التحقت بمحل الزوجية لمساكنة الزوج والقيام بواجباتها الزوجية حسبما يقتضيه العرف والعادة مما يستوجب توفر الخلوة بين الزوجين وهو ماعبر عنه فقه قضاء محكمة التعقيب بإرخاء الستائر في حين أن عقد الزواج يستوجب الإشهار وهو ما يؤمنه المشرع باشتراط شهادة شاهدين من أهل الثقة لانعقاد الزواج". 
يمكن القول أن فقه القضاء قد استقر على أن الدخول لا يحتاج إلى الإشهار, فالدخول والبناء يتم بحصول الخلوة بين الزوجين ( قرار تعقيبي مدني عدد 31885 مؤرخ في 26 مارس 2009 ).
وقد عرفت محكمة التعقيب الخلوة باجتماع الزوجان في مكان بامنان فيه اطلاع الغير حيث صدر قرار تعقيبي مدني عدد 23997 مؤرخ في 22 ماي 2003 جاء فيه حيثياته ما يلي : " حيث إن الخلوة بين الزوجين تؤكد الدخول وعلى من يدعي العكس إثبات ذلك ومعنى الخلوة أن يجتمع الزوجان في مكان يامنان فيه اطلاع الغير ولم يوجب المشرع الإشهاد على الدخول وإنما أوجبه عند عقد الزواج  بصريح الفقرة الثانية من الفصل 3 من مجلة الأحوال الشخصية , وحيث محكمة القرار  المطعون فيه مع تسليمها بتحقق الخلوة بين الزوجين المتداعيين فانها اعتبرت ان الدخول لم يتم لعدم إشهاره أي الإشهاد عليه وبذلك تكون قد وضعت شرطا لتحقق البناء لم يأت به القانون الأمر الذي يستوجب النقض ".
يحصل الدخول بتوفر الخلوة, وواقعة  الخلوة  كافية لوحدها لإثبات الدخول دون اشتراط الإشهار او حصول اتصال جنسي بين الزوجين , حيث اعتبرت محكمة التعقيب في قرار تعقيبي مدني عدد 1258 مؤرخ في 07 جويلية 2005 : " إن العبرة بالدخول تتمثل في الخلوة بين الزوجين وإسدال الستائر دون اشتراط حصول الاتصال الجنسي ".
2-  التمييز بين الدخول الفعلي والدخول الحكمي
بعد إبرام عقد الزواج قد يمتنع الزوج من الدخول بزوجته ويمتنع من الإنفاق عليها ويتركها في حالة إهمال , وحيث فرض المشرع على الزوج أن ينفق على زوجته المدخول بها ( الفصل 38 م ا ش ).
وقد اجتهدت محكمة التعقيب في تأويل هذا النص حيث اعتبرت أن الدخول يشمل الدخول الفعلي والدخول الحكمي فقد أكدت محكمة التعقيب في قرار تعقيبي مدني عدد 1229  صادر بتاريخ 15 جويلية 1977على ما يلي : " حيث يتجه بادئ ذي بدئ بان المطالبة بالإنفاق كانت بعد أن دعت المدعية زوجها للدخول بواسطة عدل منفذ وامتنع منه وحيث أن عبارة الدخول الواردة بالفصل 38 م ا ش المذكور لا تعني فقط الدخول الفعلي بل تشمل أيضا الدخول الحكمي وهو الحالة التي يمتنع فيها الزوج من الدخول بعد دعوته اليه .
وحيث آن هذا التأويل للنص يتماشى وأحكام الفقه المالكي التي كانت مصدرا له كما ينسجم مع المبادئ القانونية الوضعية التي لا تسمح للمدين بالتفصي مما هو مفروض عليه بفعله الخاص ".
وهو التمشي الذي توخته محكمة التعقيب في قرار صادر لها بتاريخ 11 أكتوبر 1996 عدد 863 حيث قضت أن  " الزوج مطالب بالإنفاق على زوجته المدخول بها  ولو كانت خارج محل  الزوجية مادام لم يقم بمطالبتها  بالمعاشرة  أو اعتبارها ناشزا عند امتناعها عن الرجوع  (قرار تعقيبي مدني عدد 794 مؤرخ في 22/3/1961 ) فمن باب أولى أن يلزم الزوج بالإنفاق على زوجته الأتي دعته لإتمام الدخول ورفض ذلك  ضرورة أن ركني الدخول والمساكنة قد توفرا في قضية الحال اعتبارا للدخول الحكمي وأساسه انحباس الزوجة ".
وبناء عليه يجوز للزوجة الذي امتنع زوجها من الدخول بها بعد أن طالبته بالدخول بواسطة عدل منفذ ,أن تقوم بقضية لدى محكمة الناحية لإلزامه بالإنفاق عليها.
2 – ما يترتب عن الدخول
إن لواقعة الدخول تأثيرعلى العديد من المفاهيم القانونية نتعرض لها كما يلي˸

1-                    المهر :
 حسب الفصل 12 م ا ش هو: " كل ما كان مباحا ومقوما بمال تصلح تسميته مهرا وهو ملك للمرأة ".
 وجاء بالفصل 13 م ا ش انه :
 " ليس للزوج أن يجبر المرأة على البناء إذا لم يدفع المهر ويعتبر المهر بعد البناء دينا في الذمة لا يتسنى للمرأة إلا المطالبة به فقط ولا يترتب عن تعذر الوفاء به الطلاق ".
فالزوجة يمكنها الامتناع عن الدخول إذا لم تتحصل على مهرها , ولكن إذا وقع البناء ولم تتحصل بعد على مهرها فان ذلك لا يعد سببا في طلب الطلاق للضرر.
كما اقتض الفصل 33 م ا ش انه اذا وقع الطلاق قبل الدخول فللزوجة نصف المسمى من المهر.
2-                    خيار الشرط :
ينص الفصل 11 م ا ش انه : " يثبت في الزواج خيار الشرط ويترتب على عدم وجوده أو على مخالفته إمكان طلب الفسخ بطلاق من غير أن يترتب على الفسخ أي غرم إذا كان الطلاق قبل البناء".
فإذا وقع الطلاق بسبب عدم الوفاء بالشرط الذي تم الاتفاق عليه صلب عقد الزواج فان هذا الطلاق يترتب عليه غرم  بعد البناء أما قبل البناء فلا حق لطالب الطلاق في أي غرم.
3-                     النسب
ينص الفصل 68 م ا ش انه :
" يثبت النسب بالفراش او باقرار الاب  او بشهادة شاهدين من اهل الثقة فاكثر".
اذا كان هناك زواج صحيح وتم الدخول الفعلي فطبيعي ان  يعتبر المولود ابنا شرعيا للاب.
ولكن مفهوم الفراش يشمل الزواج الصحيح والزواج الباطل فقد جاء في قرار تعقيبي مدني عدد 21419 بتاريخ 13 جوان 1989 ان : " مفهوم الفراش الوارد بالفصل 68 م ا ش يقتضي العلاقة الزوجية القائمة بين الرجل والمرآة  ويدخل تحت  هذا المفهوم ما سمي بالزواج العرفي  وهو زواج تام  الشروط  والأركان  وقد اقره المشرع التونسي  باعتباره  من الأحكام العرفية الواقعة قبل إجراء العمل  بمجلة الأحوال الشخصية  ورتب عليه نتائج قانونية  والأمر كذلك بالنسبة  للنكاح الفاسد إذ جاء بالفصل 22 من نفس المجلة أن من مجمل النتائج المترتبة عنه النسب ".
ونلاحظ أن المشرع اشترط صراحة الدخول  في الزواج الفاسد ليرتب من جملة آثاره النسب فقد جاء بالفصل 22 م ا ش انه :
 " يبطل الزواج الفاسد وجوبا بدون طلاق . ولا يترتب  على مجرد العقد  اي اثر . ويترتب  على الدخول الآثار التالية فقط :
-        استحقاق المرأة المهر المسمى أو تعيين مهر لها من طرف الحاكم.
-         ثبوت النسب.
-         وجوب العدة  على الزوجة  وتبتدئ هذه العدة  من يوم التفريق.
-         حرمة المصاهرة ".
ولكن الاشكل يطرح مع الفصل 71 م ا ش والذي ينص انه :
" اذا ولدت الزوجة  لتمام  ستة أشهر فأكثر من حين عقد الزواج  سواء كان عقد الزواج صحيحا او فاسدا  يثبت نسب المولود من الزوج ".
ففي حين اشترط المشرع الدخول في الفصل 22 م ا ش فانه لم يشترطه في الفصل 71 م ا ش ,ويبدو انه ليس من السهل التوفيق بين الفصلين.
          4- الهدايا :
  جاء بالفصل 28 م ا ش أن : " الهدايا التي يعطيها  كل واحد من الزوجين  للأخر بعد العقد يتم استرداد ما بقي منها قائما ولو تغير , إذا وقع الفسخ  قبل البناء  بسبب من الطرف الأخر . ولا يتم استرجاع شيء منها بعد الدخول ".
وبناء عليه فالهدايا التي يعطيها كل واحد من الزوجين للأخر يمكن استردادها قبل الدخول ولا يمكن استردادها بعد الدخول وهي الهدايا التي تبقى قائمة .
وقد عرفت محكمة التعقيب هذه الهدايا بالقول : " أن عبارة  الهدايا التي تبقى قائمة يقصد بها تلك التي لا تضمحل أو تندثر بمفعول الزمن أو بالاستهلاك العادي لها " ( قرار تعقيبي مدني عدد 2010 /50297 مؤرخ في 19 ماي 2011 ).
5-   النفقة :
جاء بالفصل 38 م أ ش انه : " يجب على الزوج أن ينفق على زوجته المدخول بها وعلى مفارقته مدة عدتها ".
وبناء عليه فالزوج  مطالب بالإنفاق على زوجته المدخول بها وذلك بداية من تاريخ البناء وغير مطالب بالإنفاق عليها إذا كان الدخول لم يحصل بعد وهو ما أكدته محكمة التعقيب في قرار مدني عدد 7916 مؤرخ في 31/10/1983 والذي جاء في حيثياته انه : "  حيث انه حسب صريح الفصل 38 م ا ش المتقدم فان الزوجة لا تستحق من زوجها النفقة إلا من تاريخ بنائه بها وبالتالي لا يلزم بها لها قبل حصول الدخول ".
وإذا حصل الطلاق بعد البناء فالزوج مطالب بان ينفق على مفارقته مدة عدتها أما إذا كان الطلاق قبل البناء فلا عدة للمرأة( الفصل 34 م ا ش ).
وقد اعتبرت محكمة التعقيب أن نفقة العدة يجب الحكم بها ولو لم تطلبها الزوجة حيث جاء في قرار تعقيبي مدني عدد 16304 مؤرخ في 25 نوفمبر 1986 ما يلي : " حيث انه طالما كان الطلاق بعد البناء فان الفصل 32 م ا ش قد اوجب الحكم بنفقة العدة ولو لم تطلبها الزوجة وبذلك فان القرار المنتقد لما قضى بنفقة العدة لا يعد منه إفراطا في السلطة أو مخالفة للقانون ".
6-   الحضانة :
ينص الفص 58 م ا ش على انه : " يشترط في مستحق الحضانة أن يكون مكلفا أمينا قادرا على القيام بشؤون المحضون سالما من الأمراض المعدية ويزاد اذا كان مستحق الحضانة ذكرا أن يكون عنده من يحضن من النساء وأن يكون محرما بالنسبة للأنثى.وإذا كان مستحق الحضانة أنثى فيشترط أن تكون خالية من زوج دخل بها ما لم ير الحاكم خلاف ذلك اعتبارا لمصلحة المحضون وإذا كان الزوج محرما للمحضون أو وليا له أو يسكت من له الحضانة مدة عام بعد علمه بالدخول ولم يطلب حقه فيها أو أنها كانت مرضعا للمحضون أو كانت أما وولية عليه في آن واحد ".
فقد وضع المشرع شروطا  موضوعية  في مستحق الحضانة .من ذلك انه اشترط إذا كان مستحق الحضانة أنثى أن تكون خالية من زوج دخل بها غير إن للحاكم إعفائها من ذلك  في حالات خاصة منها مصلحة المحضون وهو ما أكدت عليه محكمة التعقيب  بالقول : " لئن اشترط المشرع صلب الفصل 58 م ا ش أن تكون مستحقة الحضانة خالية من زوج دخل بها فقد مكن الفصل نفسه الحاكم من إعفائها من هذا الشرط إذا اقتضت مصلحة المحضون ذلك "  ( قرار  تعقيبي مدني عدد34204 مؤرخ في 04 مارس 2010 ).
7-   نظام الاشتراك في الأملاك
صدر القانون عدد 94 لسنة 1998 المؤرخ في 9 نوفمبر 1998 المتعلق بنظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين وقد عرف المشرع نظام الاشتراك في الأملاك بالفصل الأول  كالأتي :
 " نظام الاشتراك في الأملاك هو نظام اختياري يجوز للزوجين اختياره عند إبرام عقد الزواج أو بتاريخ لاحق, وهو يهدف إلى جعل عقار أو جملة من العقارات ملكا مشتركا بين الزوجين متى كانت من متعلقات العائلة ".
الإشكال الذي طرح على القضاء يتمثل في معرفة أن كان نظام الاشتراك في الأملاك ينطلق  قبل البناء ام بعد إتمام البناء.
فقد أكدت محكمة التعقيب أن نظام الاشتراك في الأملاك ينطلق بعد البناء وليس قبله وذلك في قرار تعقيبي مدني عدد 41051 مؤرخ في 16 سبتمبر2010 حيث جاء فيه :
 " أن نظام الاشتراك في الملكية ينطلق بعد إتمام البناء بين الزوجين وأن عبارة الزواج الواردة في القانون المذكور إنما يراد منها الزواج التام باعتبار أن النص القانوني أصر على القول أن العقار يكون مخصصا لاستعمال العائلة أو لمصلحتها والعائلة أو الأسرة لا تتكون إلا بعد إتمام البناء .
لا جدال في أن الزواج ينطلق في تكوينه عقدا وينتهي مؤسسة وينشأ عن تكوين هذه المؤسسة التزامات مالية ومادية متبادلة منها دخول الأملاك المكتسبة في نطاق الاشتراك في الملكية إذا أختار الزوجان ذلك النظام .
طالما تبين أن طرفي القضية قد انفصلا بموجب الطلاق قبل البناء فانه لا مجال للقول بأن ما أكتسبه أحدهما من عقارات أثناء الرابطة الزوجية ملكا مشتركا بينهما مما يجعل الطعن في غير طريقه وتعين لذلك رده ".
8-   جبر الضرر المادي
·       جبر الضرر المادي الناجم عن الطلاق
 إذا انفصمت العلاقة الزوجية بالطلاق إنشاء من الزوج أو بسبب ما لحق الزوجة  من ضرر ,فللزوجة في هذه الحالة المطالبة بغرم الضررين المادي والمعنوي.
جاء بالفصل 31 م أ ش ما يلي :
"يحكم بالطلاق :
بتراضي الزوجين.
بناء على طلب أحد الزوجين بسبب ما حصل له من ضرر.
بناء على رغبة الزوج إنشاء الطلاق,أو مطالبة الزوجة به.
ويقضي لمن تضرر من الزوجين بتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الناجم عن الطلاق في الحالتين المبينتين بالفقرتين الثانية والثالثة أعلاه....".
وبناء عليه فالمشرع قد ساوى بين الزوجين في حق غرم الضررين المادي والأدبي الناجمين عن الطلاق, وهذا ما  أكدت عليه محكمة التعقيب في قرار مدني تعقيبي عدد 52737 مؤرخ في 02 ديسمبر2010 حيث أعتبرت أن "   المشرع ساوى بين الزوجين في حق غرم الضررين المادي والأدبي الناجمين على الطلاق ولم يميز المرأة إلا من خلال منحها إمكانية خيار تعويض ضررها المادي في شكل جراية عمرية أو رأسمال وفي ذلك تكريس من المشرع للمساواة بين الجنسين وإقامة العلاقة بينهما على أساس الندية والشراكة لذلك مكن الفصل 31 المذكور للزوج المطلق أن يطالب بغرم ضرره المادي الناجم عن الطلاق والمتمثل في فقدانه لدخل إضافي كان يوفره عمل الزوجة للأسرة كفقدانه لحق مكنه منه الفصل 23 م أ ش الذي أوجب على الزوجة أن تساهم في مصاريف الأسرة أن كان لها مال خاصة وقد ثبت أن ضدها تتقاضى راتبا محترما " .
وطبيعي أن لا تقضي المحكمة بالضرر المادي إذا كان الدخول والبناء لم يحصل بعد ,فإذا قضت المحكمة مثلا بإيقاع الطلاق قبل البناء إنشاء من الزوج , فالزوجة يحق لها فقط  المطالبة بالتعويض عن الضرر المعنوي , بينما إذا قضت بإيقاع الطلاق إنشاء من الزوج بعد البناء ففي هذه الحالة للزوجة المطلقة المطالبة بتعويض الضررين المادي والمعنوي ( قرار تعقيبي مدني عدد 23997 مؤرخ في 22 ماي 2003 ).
·       جبر الضرر الناجم عن وفاة الزوج بسبب حادث مرور
من ناحية أخرى إذا مات الزوج بسبب حادث مرور فللزوجة المطالبة بغرم الضرر المادي اذا وقع الحادث بعد الدخول والبناء , أما إذا وقع الحادث قبل البناء فلا يحق للزوجة المطالب بغرم الضرر المادي, و قد اعتبرت محكمة التعقيب أن الزوجة غير المدخول بها ومات زوجها في حادث طريق لم تتضرر ماديا ولم تحصل لها خسارة فعلية يمكن جبرها بالتعويض المادي وذلك  في قرار تعقيبي مدني عدد 7916 مؤرخ في 31 أكتوبر 1983 حيث جاء في حيثياته ما يلي :
 " وحيث لا جدال في أن المدعية في الأصل لم يقع الدخول بها بعد من طرف الهالك وتبعا لذلك ولما يقتضيه الفصل 38 من مجلة الأحوال الشخصية فان الحق الذي استندت عليه محكمة الموضوع  وهو الحق في الإنفاق لم يتكون لها أصلا ولا يتصور عقلا وقانونا الإخلال بحق غير موجود وبالتالي فلا وجود لضرر يستحق التعويض عنه...
وحيث يتضح مما تقدم أن القرار المطعون فيه لما اعتبر المدعية في الاصل قد لحقها ضرر مادي تستحق التعويض عنه يكون قد أساء تطبيق الفصلين 38 م ا ش و107 م ا ع ...".